مدخليات التفسير اثر الالاء في البيان
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ....... (( نزّل عليكَ الكتابَ بالحقِ مُصدقاً لما بين يديه وأنزل التورية والإنجيل من قبلُ هدى للناس وأنزل الفرقان أن الذين كفروا بآيات الله لهم عذابٌ شديد واللهُ عزيزٌ ذو انتقام )) 0 ال عمران /3-4
سلامٌ على عبادهِ الذين اصطفى : محمد والهِ الهداة الطاهرين (( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )) الاحزاب /33 وصــــــــــــــــحبهِ المنتجبين : (( محمد رسول الله والذين معهُ أشداء على الـــــــــــــــــكفار رحماء بينهم )) محمد /33 0 والشهداء والصديقين والعلماء العاملين (( إنما يخشى اللهَ من عبادهِ العلماءُ )) فاطر /28
ما كان للمؤسسة الدينية في النجف الأشرف وأخواتها من حواضر العلم وموئل الشريعة ومثابة العلماء من عهدٍ بالدرس القرآني _ تفسيراً وعلوماً _ أن على مستوى التدريس او التدوين وتلك لعمري مفارقة جدُّ مؤلمة غير أن الشيخ البلاغي النجفي وهو نتاج مدرسة تقليدية ووريث اطروحة كلاسيكية في تحصيل العلوم الحوزوية المقتصرة على الفقه والأصول , ولكنه لم يكن ليعبأ بهذه المواضعات او ليكترث بهذه السياقات وقد قيل : أن القرآن الكريم لا يفسره الا المجاهدون وكان مصداقها هذا الرجل الموسوعة فأنبرى للتفسير محاضرةً وكتابةً وكان ( الاء الرحمن ) وهو :
مجموعة البحوث والمحاضرات التي القاها على تلامذته ومريديه في المسجد او على فراش المرض ابتدأ بها _ طاب ثراه _ سنة 1350 هـ وأستمر يلقيها على ما هو عليه من شدة المرض وغاية الضعف وشيخوخةٍ قاربت من العمر السبعين وحتى عام 1352 هـ 0 ثم سار على هديه تلامذته وهم اثر من اثاره الفكرية التي تمشي على الارض فكان صاحب (البيان في تفسير القران) وقبله كتاب في الدفاع عن القران (نفحات الاعجاز) دونهما السيد الخوئي
وقد اثرت ان اعقد مقارنة منهجيه بين الاستاذ وتلميذه في رحاب علوم القران التي تعد من مدخليات التفسير واقول كما قال البلاغي (محور البحث) :
(اتطفل في هذا الشان واتقحم في هذا الميدان جاريا على ما تقتضيه اصول العلم متنكبا مالاحجة فيه من نقل الاقوال متحريا للاختصار مهما امكن مستعينا بالله ومستمدا من فضله)
مباحث تمهيدية
اولا:-الدرس القراني عند البلاغي
ونعني بالدرس القراني – كمقاربة- تفسيرا وعلوم قران الذي تالق في تراث الشيخ المعرفي المخطوط منه او المطبوع :
اما الكتب الغير تخصصية في علوم القران والتفسير بيدَ ان الشيخ عالج فيها قضايا قرانية مهمه فهي:
ثانيا : مداخل التفسير عند البلاغي
( الوجيز في معرفة كتاب الله العزيز )
هي دراسة وافية ومقدمة تمهيدية لكتاب الاء الرحمن في تفسير القرآن 0 تحوي هذه المقدمة فصولاً اربع وخاتمة وهي في الكثافة المعلوماتية وبلاغة الحجة وقوة السبك وأسلوب المناظرة ما ينبئك عن ضخامة البلاغي وناهضيته في الدرس القرآني فلا مندوحة عنها لأي باحث في علوم القرآن او من شاء تفسير كتاب الله العظيم بكفاءه واقتدار وهي من الاهمية بمكان بحيث جعلت كمقدمة لتفسير شبر بمراجعة الأستاذ الدكتور احمد حفني داود المصري(1) وفي تصوري القاصر أن هذهِ المقدمة ارست أصول التفسير الأسلامي للكتاب المجيد(2) , ثم هي بالتقييم العلمي تكافيء اطروحة التفسير نفسها في ( الأء الرحمن )
ويمكن أن تستل هذه المقدمة لتصبح بحثاً اكاديمياً ودراسة منهجية لما تضمنته من مواضيع استثنائية وقضايا مصيرية
تندرج هذه المقدمة ضمن ابحاث علوم القرآن وقد شهدنا الكثير من المصادر فيما يخص ذلك منها المختصة بتعريف القراءات مثل :
النشر في القراءات العشر 0
المعجم الحديث للقراءات القرانية
وكذلك كتب في الدفاع عن القرآن : الأمالي للسيد المرتضى وما وراء الفقه للسيد الشهيد محمد الصدر ومنة المنان في الدفاع عن القرآن للشهيد الصدر ايضاً(3) 0 وظلت مفردات الراغب الأصفهاني مرجعاً لبيان لغة القرآن ومجمع البحرين للطريحي 0
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) العلامة المحقق السيد عبد الله شبر (ت 1242 هـ ) : تفســـــــــير شبر /دار احياء التراث العربي بيروت عام 1987
(2) د. محسن عبد الحميد : اصول التفسير الأسلامي
(3) الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر : منة المنان في الدفاع عن القرآن 0 بحث متفرد ابتدء بالسور القصار وانتهج فيه اسلوب الأطروحة خلافاً لما اعتاده المفسرون وباحثو علوم القرآن 0 مطبعة دار النجوى بيروت
وفيما يخص علوم القرآن كانت كتب عبد القاهر الجرجاني والأتقان في علوم القرآن للسيوطي وبيان السيد الخوئي(1) وكذا علوم القرآن للشهيد الأستاذ السيد محمد باقر الصدر كتبها كمقررات تدريسية لطلبة كلية اصول الدين في بغداد وله في هذا المضمار ( المدرسة القرآنية ) بالاضافة الى علوم القران للدكتور المرحوم داوود العطار 0
هذه العلوم تصلح كمقدمة لفهم التفسير ومنها الكتب المتداولة حول الفهم العلمي الحديث للقرآن مثل : الأيات الكونية في القرآن لحنفي أحمد والطبيعة في القرآن الكريم للدكتور كاصد ياسر الزيدي(2)
وكذلك التأريخ الديني كالكتب المختصة بقصص الأنبياء والحديث عن الأمم السابقة او الحديث عن الجنة والنار ويوم القيامة 0
ومنها الكتب المعتمدة لدفع الشبهات مثل : كتاب الرازي المطبوع في هامش كتاب العكبري وتنزيه القرآن عن المطاعن للقاضي عبد الجبار وتلخيص البيان في مجازات القرآن للسيد الشريف الرضي (3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أكمل منه جزءاً واحدا ً حول مقدمات التفسير وعلوم القرآن وسورة الفاتحة 0
(2) وله دراسة قرآنية حول ( منهج الشيخ الطوسي في التبيان )
(3) وله : حقائق التأويل في متشابه التنزيل
الفصل الاول : مباحث الاعجاز بين البلاغي والخوئي
المبحث الاول : الاعجاز مبرراته ووظائفه
تقديم مدخلي
لقد اثار اعداء الاسلام من جاهليين قدامى ومستشرقين جدد ، الشبهات الكثيرة حول الوحي القراني وكانت تستهدف هذه الشبهات غالبا : ان الوحي القراني ليس مرتبطا بالسماء وانما هو نابع من ذات محمد الانسان وقد اشار الكتاب الكريم نفسه الى بعض هذه الشبهات في مواضع مختلفة ونحن اذا درسنا الوضع العالمي والوضع العربي والحجازي بصورة خاصة وحياة النبي (ص) قبل البعثة ومختلف العوامل والمؤثرات التي كانت متوفرة في بيئته ومحيطه ثم قارنا ذلك بما جاء به الكتاب الكريم من رسالة عظمى تتحدى كل تلك العوامل والمؤثرات وما احدثه هذا الكتاب من تغيير شامل وبناء لامة تملك اعظم المقومات والمؤهلات وجدنا ان القران معجزة عظمى وسيتجلى من خلال المباحث القادمة بادلة موضوعية ان القران الكريم ليس صيغة بشرية وانما هو وحي الهي .
ان موضوعات (الاعجاز)دراسات ادواتية فهو من مقدمات التفسير ومن مدخلياته في معالجة النص المعصوم المقدس .
المطلب الاول: إعجاز القرآن عند البلاغي
صدر مفسرنا البلاغي الفصل الأول من مقدمتهِ بالوضع الأصطلاحي للمعجزة حيث يقول في تعريفهِ للمعجز :
( وهو الذي يأتي به مدعيّ النبوة بعناية الله الخاصة خارقاً للعادةِ وخارجاً عن حدود القدرة البشرية وقوانين العلم والتعلم ليكون بذلك دليلاً على صدق النبي وحجتهِ في دعواه النبوة ودعوتهِ )(1)
وأستوفى الحديث حول :
_ وجه شهادة المعجز
_ حكمة تنوع المعجز
_ حكمة كون المعجز للعرب هو القرآن
_ أمتيازه عن غير من المعجزات , ويذكر في هذا المقام عدة امتيازات :
الأول : انه تكفل بدعوى النبي للنبوة والرسالة في سائر النبوات
الثاني : انه تكفل في صراحة بيانه بالشهادة للنبوة والرسالة فلم تبقَ حاجة لدلالة العقل ودفع الشبهات عنها 0
الثالث : انه تكفل في صراحته المتكررة ببيانه لكمالات مدعي رسالتهِ وأطرى بصلاحهِ وأخلاقهِ الفائقة ويستنطق النصوص القرآنية في هذا المجال : ( ما ضل صاحبكم وما غوى ) النجم (2 )
( ما كان محمدأبا احدٍ من رجالكم ...................) الأحزاب (40)
الرابع : انه تكفل بنفسهِ دفع الموانع عن الرسالة والنبوة اذ بين مواد الدعوة وأساسياتها ومعارفها :
( أن هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم ) الأسراء (9)
الخامس : انه زاد على كونه معجزاً بنفسهِ بان كرر النداء والمصارحة في الأحتجاج بأعجازهِ وتحديه الناس ويستشهد البلاغي بحشدٍ مباركٍ من النصوص الجليلة : ( ام يقولون افتراه قل فاتوا بعشر سور مثلهِ مفتريات ... ) هود (16)
( قل لئن اجتمعت الأنس والجن على ان ياتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثلهِ ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا )الأسراء(90)
ويعالج الشيخ مسالة الأعجاز على نمطية ثنائية هي الأعجاز القرآني من وجهة العرب والأعجاز القرآني من وجهة البشر بما نصه: ( هذا في وجهة الأعجاز الذي تقوم به الحجة على العرب وأن للقرآن المجيد وجوهاً من الأعجاز مما يشترك في معرفتها كل بشرٍ ذي رشد )(1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مقدمة الاء الرحمن ص 7
المطلب الثاني: إعجاز القرآن عند الخوئي
جاءت مساحات (اعجاز القران) رحبة اذ كان المبحث ضخما استوفى من (البيان) تسعين صفحة ابتدائها الخوئي بذكر الاعجاز لــــــغة منتقيا المعاني التالية :الفوت ، وجدان العجز ، احداثه كالتعجيز ولم يشر الى مصادره في ذلك . ثم اردفه بـ (المعنى الاصطلاحي) :
(ان ياتي المدعي لمنصب من المناصب الالهية بما يخرق نواميس الطبيعة ويعجز عنه غيره شاهدا على صدق دعواه) (1)
وقد طور التعريف هذا بما يوحي موائمة مع الحداثوية ومظهرية العصرنة تلميذ تلميذ البلاغي ، الشهيد الصدر محمد باقر (استشهد 1400هـ) : (الدليل الذي يبرهن على صدق النبي في دعواه وهي : ان يحدث تغييرا في الكون صغيرا او كبيرا – يتحدى به القوانين الطبيعية التي ثبتت عن طريق الحس والتجربة) (2)
والخوئي اقتفى اثر استاذه في التعادلية الثنائية لمعالجة الاعجاز :
(قد علم كل عاقل بلغته الدعوة الاسلامية ،ان محمدا بشّر جميع الامم بدعوتهم الى الاسلام واقام الحجة عليهم بالقران وتحداهم باعجازه القراني ) (3) وحينما تناول الخوئي خلود المعجزة القرانية ذكر (ان القران يختص بخاصة اخرى وبها يتفوق على جميع المعجزات التي جاء بها الانبياء السابقون وهذه الخاصية تكفله بهداية البشر) (4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المطلب الثالث :
المقصد الاول : مرتكزات الاعجاز عند البلاغي
المقصد الثاني : مرتكزات الاعجاز عند الخوئي
ومن ذلك مانحاول تبيانه في المباحث اللاحقة
المبحث الثاني : اعجازه من وجهة التاريخ
المطلب الاول : معالجة البلاغي
من موارد الأعجاز التي يشترك في معرفتها البشرية اعجازه من وجهة التاريخ , فلم يجعل مفسرنا من قضية عدم القراءه والكتابة معجزاً في اخبار القرآن عن الحوادث الماضية والأمم الخالية وانما اعتبر اشتراك القرآن الكريم في تأريخه بعض القصص مع التوراة الرائجة التي اتفق اليهود والنصارى على أنها كتاب الله المنزل على رسوله موسى عليه السلام اعتبره اعجازاً ، كاشفاً بنفس الحين التناقضات المريرة فمن ذلك : قصة أدم ( ع ) وشك ابراهيم ( ع ) في وعد اللهِ لهُ بأعطاءهِ الأرض في سوريا ومجيء الملائكة الى ابراهيم بالبشرى بأسحاق واخبارهِ هلاك قوم لوط وحكاية ذهابهم الى لوط ( ع ) وذهابهم معهُ وخطاب الله لموسى من الشجرة وفي هارون من انه هو الذي عمل العجل ليكون الهاً لبني اسرائيل ودعا لعبادتهِ وبنى له رسوم العبادة 0
اما القرآن الكريم فقد اورد القصص الأولى في الأعراف وطه والثانية في اواخر سورة البقرة والثالثة في سورتي هود والذاريات والرابعة في سورة طه والنمل والقصص والخامسة في سورتي الأعراف وطه فجاءت هذه القصص بكرامة الوحي الألهي منزهةِ عن كل خرافة وكفر وعن كل ما ينافي قدس الله وقدس انبيائه(1) 0
وفي هذا الموضوع يحيل البلاغي كثيراً الى مؤلفاته التي تعنى بشكل كبير بهذه المواضيع(2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المطلب الثاني : معالجة الخوئي
كمقاربة مقارناتية لايضاح الاثر والتاثر بين البلاغي الاستاذ والخوئي التلميذ نورد مااثبته الخوئي في مبحثه (القران والمعارف) :
(صرح الكتاب في الكثير من اياته بان محمدا (ص) امي وقد جهر النبي بهذه الدعوى بين ملأ من قومه وعشيرته) (1) ثم يتسائل الخوئي (افليس لازم هذا ان ينعكس على اقواله ومعارفه ظلال هذه العقائد) (2)
ويتابع بعد برهة : (ونحن نرى مخالفة القران لكتب العهدين في جميع النواحي وتنزيهه لحقائق المعارف عن الموهومات الخرافية التي ملئت كتب العهدين) (3) وهو عين ما اشار اليه البلاغى وحتى الشواهد التي ساقها الخوئي واستقاها للدلالة، مصطلحا على التوراة : (ألتوراة الرائجة) وهو ماكان يؤكده البلاغي (4) دائما ومن تلك الاستشهادات على سبيل النموذج لا التعداد :
وغير ذلك كثير (5)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المبحث الثالث : اعجازه من وجهة الاحتجاج
المطلب الاول: في الاء الرحمن
مقايسة مع احتجاجات المسيح (ع)،يعقد المفسر البلاغي مع ماورد حاشا قدسه –أي السيد المسيح في الاناجيل :
ومما ذكرته من الحجج الساقطة والفاسدة على امور اكثرها ضلال او غلط كالاحتجاج على تعدد الالهه وعلى تعدد الارباب وعلى المنع من الطلاق (1)
المطلب الثاني: في البيان
اما السيد الخوئي في بيانه فانه يحيل احالة موضوعية على كتابي استاذه الشيخ:الهدى الى دين المصطفى و الرحلة المدرسية في تناوله النقدي وحوارياته مـــــــــــــع الاديان الاخرى (2) كما لايفوته ان يشير الى كتابه (نفحات الاعجاز) بهذا الشان متعرضا لشواهد من الاناجيل :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كاشفا في الوقت ذاته عن التناقضات المريرة بخصوص النصوص المزعومة من اصحاحات اخرى في نفس الاناجيل هذه او اناجيل اخرى .
المبحث الرابع : اعجازه من وجهة الاستقامة والسلامة من الاختلاف والتناقض
المطلب الاول : في الاء الرحمن
يستعرض مناظرا ومحاورا – البلاغي – الاوجه الاخرى من مرتكزات الاعجاز كما في هذا المعنون :
(قد خاض القران الكريم في فنون المعارف والاصلاح مما يتخصص فيه الممتازون بالرقي في ابواب الفلسفة والسياسة والخطابة والاصلاح من علم اللاهوت او الاخلاق او التشريع المدني والتنظيم الاداري او الفن الحربي او البشرى والترغيب بالجزاء او الانذار والتهديد بالنكال او الحجج والامثال او تذكرة المواعظ والعبر. وجرى من ذلك في الميادين الشريفة باحسن اسلوب واقوم منهج وبلغ في ذلك اكرم الغايات واعلاها في الرقي) (1)
المطلب الثاني : في البيان
اما صاحب البيان فقد اقتدى بصاحب الالاء وذلك يتجلى في النص الاتي :
(وقد تعرض القران الكريم لمختلف الشؤون وتوسع فيها احسن التوسع فبحث في الالهيات ومباحث النبوات ووضع الاصول في تعاليم الاحكام والسياسات المدنية والنظم الاجتماعية وقواعد الاخلاق وتعرض لامور اخرى تتعلق بالفلكيات والتاريخ وقوانين السلم الحرب ووصف الموجودات السماوية والارضية) (2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المبحث الخامس : اعجازه من وجهة التشريع العادل ونظام المدنية
المطلب الاول : في الاء الرحمن
يذكر البلاغي في هذا الخصوص مافي الكتب الرائجة :(من شريعة قتل الاطفال والنساء من البلاد المفتوحة بالحرب وانظر الى العهد الجديد والغاءه لنظام المدنية والاخذ امام الظلم والعدوان بحيث ترك العالم بلا نظام رادع ولاشريعة تاديب عادلة) (1)
وتلك مقارنة من الشيخ بالادارة الاسلامية لجميع العالم الى الادارة العائلية والزوجية والبيتية بل والى شؤون الكاتب والشاهد كما في سورة البقرة اية 282 وذلك بقوله تعالى : ((ياايها الذين امنوا إذا تداينتم بــــــــــدين الى اجل مسمى فاكتبوه )) وتعد اطول نص مقدس في الكتاب الكريم
المطلب الثاني: في البيان
من المفارقات العلمية بخصوص هذا المورد ان صاحب (البيان) اتى على استطراد امهات المسائل الاخلاقية والتربية الروحية مع دعمها بشواهد قرانية فعلى سبيل الاستشهاد لا الحصر :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويبدو ان الخوئي اراد به مبحث (اعجازه من وجهة الاخلاق) والتي سار عليها في ترتيبه اللاحق استاذه البلاغي (1)
واما ما يخص النظم المدنية فقد اوردها الخوئي اجمالا في مبحثه (القران والاتقان في المعاني) (2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المبحث السادس: اعجازه في وجهة علم الغيب
المطلب الاول: في الاء الرحمن
من اخر الدلائل التي يشير اليها بالتفاصيل شيخنا البلاغي حول الأعجاز هي
أعجازه في وجهة علم الغيب وينص البلاغي بهذا الصدد : (فقد تكرر في القران معجزه في اخباره بالغيب اخبارا يقتضي التكهن والفراسة خلافه من حيث النظر الى الحال الحاضر وطغيان الشرك وضعف الدعوة الاسلامية وما يجري من النكال والتشريد والجفاء على ملبيها) (1)
فأستشهد بجملة من المغيّبات في القرآن الكريم التي أثبتت بمرور الأيام صدقيتها وحقيقتها وحتميتها في الأية 2و3 من سورة الروم : (( غلبت الروم في ادنى الأرض ....... )) وأخباره بشأن ابي لهب وزوجته : (( سيصلى ناراً ذات لهب وأمراته حّمالة الحطب )) سورة تبت الأية 3و4 0
وكذلك (( هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ))الصف9 (2) 0
لكن ما ورد في أنجيل متي من خبر واحد غيبي عن المسيح كان كاذباً . وذلك حول صلبه ودفنه(3)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه الأية من مختصات صاحب العصر بقية الله الأعظم ( عج ) فهي متعلقة بالظهور ولا ظهور _ وهو اعم معنى من النصر الا على عهد الحجة ( عج ) أما على عهد الحبيب المصطفى ( ص ) فلقد بقت الأديان السماوية الأخرى وحتى في جزيزة العرب مهد الأسلام 0
المطلب الثاني: في البيان
وفي مرتكزات الاعجاز التي تناولها صـــــــــــاحب البيان ومنها بحسب تسميته : (القران والاخبار بالغيب) يحذو الخوئي حذو استاذه في ايراده النصوص المقدسة كشواهد داعمة وهي بعينها التي ذكرها البلاغي سوى ايتين، الاية الاولى : (واذ يعدكم الله احدى الطائفتين) 7:8 والاية الثانية : (سيهزم الجمع ويولون الدبر) 45 (1)
مناقشة وتعقيب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكانت حصيلة دراسته في رد هذه الشبهات الكبرى هو تاليف (البيان في تفسير القران) محور بحثنا المتواضع هذا ، وقد اعتمد في بعض جوانب هذا الكتاب على استاذه الشيخ البلاغي حيث وصفه : بطل العلم المجاهد (1)
كما كان للشهيد الصدر دور تاصيلي ومشاركة تجديدية في حركة التفسير وعلوم القران من خلال (التفسير الموضوعي) و (المدرسة القرانية)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويرى البحث ان الشهيد الصدر كان يروم بناء نظرية اسلامية في كل حقل من حقول المعرفة الاسلامية
الفصل الثاني : مباحث علوم القران
المبحث الاول : جمع القران
المطلب الاول : جمع القران في رؤية البلاغي
يتعرض المفسّر في الفصل الثاني من مقدمته ويتطرق بمزيد من الأسهاب والتوسعة حول قضية بدت خلافية في فترات متأخرة الا وهي ( جمع القرآن في مصحف واحد ) فهو يفرد حيّزاً واسعاً لتلك القضية اذا يخصص الفصل الثاني لها ولما يستتبع من طرحها وبالأمكان أجمال أطروحتهِ تلك بالأتي :
1_ أظهر أن ( جمعه في مصحف واحد ) كان على عهد النبي ( ص ) 0
2_ عضّد ذلك بجمهرة من المرويّات والأخبار الواردة عن الصحابة ( رض ) 0
3_ أستعان بالدليل التأريخي لأيام العرب ومنها شدة حافظتهم وفطريتهم في التلقّي والأستيعاب مضافاً لذلك اهتمامهم بالقرآن وعنايتهم الفائقة به 0
4_ اوضح أن امير المؤمنين علياً ( ع ) جمع القرآن بعد وفاة الرسول ( ص ) على ترتيب نزوله وتقديم منسوخه على ناسخه
5_ ثم عرّج على تضارب الروايات وتناقضها في جمع القرآن واستطرد الى بعض من الأيات المكذوبة والتي الصقت بكرامة القرآن حسب تعبيره ( رض ) ولا سيما حول الأية المدعاة المنتحلة ( لو ان لأ بن آدم واديين لسال وادياً ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب ) وكذا سورتي القنوت(1) وأية الرجم(2) 0
6_ وردت تلك الأيات كما يقرر الشيخ في امهات المصادر الأسلامية للمذاهب الأخرى وقد ناقشها الشيخ نقاشاً مستفيضاً بأدلة عقلية ونقلية منتهياً الى أثبات ضحالتها وأنها مما لا يعبأ به من هذر الكلام( 3 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثانية : اللهم اياك نعبد ولك نصلي ونسجد واليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك الجد أن عذابك بالكافرين ملحق 0
7_ قطع بشكل متيقن بقول الأمامية : عدم النقيصة بالقرآن معززاً ذلك بما اورده اساطين المحدثين ومنهم الصدوق والشيخ المفيد في ( اوائل المقالات ) والسيد المرتضى والشيخ الطوسي 0
8_ رد على صاحب كتاب ( فصل الخطاب )(1) ما نقله عن كتاب ( دبستان المذاهب )(2) حيث قال في نهاية ردوده وافحامه اياه بأراء الأمامية : ( هذا بعض الكلام في هذه المهزلة وأن صاحب فصل الخطاب من المحدثين المكثرين المجدين في التتبع للشواذ وأنه ليعد امثال هذا المنقول في دبستان المذاهب ضالته المنشودة )(3)
المطلب الثاني : جمع القران في رؤية الخوئي
الخوئي نحا في ذلك نحو استاذه حين بحث الاشكالية بحثا مزجيا بين (صيانة القران من التحريف) ومبحث (فكرة عن جمع القران) وهما نوضوعان مستقلان في بيانه ولكن فيهما تداخلات كثيرة ومساحات مشتركة نوه بها الخوئي نفسه :
(فكان من الضروري أن يعقد هذا البحث اكمالا صيانة القران من التحريف وتنزيهه عن أي نقص او أي تغيير) (4)
ويمكن للبحث القاصر ايجاز ماذهب اليه الخوئي :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) للميرزا حسين بن محمد تقي النوري ( ت 1320هـ ) 0
(2) او(دبستان في الملل والنحل), فارسي طبع في بمباي اختلف في اسمه ولم يذكر اسم المؤلف عليه 0
(3) مقدمة الالاء ص 23 0
(4) الخوئي : البيان ص55
(5)م . ن : ص256-266
ج – حفظ الــــــــــقران سبب لارتفاع شان الـــــــــــحفّاظ بين الـــــــــــناس ء- الاجر والثواب(2)
تعقيب
من المثير للتامل ، ان صاحب البيان لم يشر لا من قريب او بعيد الى ماقرره استاذه البلاغي (من جمعه على يد الامــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــام علي (ع) بعد وفاة الرسول (ص) ) (4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المبحث الثاني : القراءات القرانية
المطلب الاول : عند البلاغي
لقد افرد مفسرنا الفصل الثالث من مقدمته لأطروحة القرآءات القرآنية ويمكن ان نستقرأ منها ما يلي :
1_ ان القرآءات السبع فضلاً عن العشر انما هي صورة بعض الكلمات لا بزيادة او نقصها ومع ذلك ما هي الا روايات احاد عن احاد لا توجب اطمئناناً ولا وثوقاً
2_ اوضح اختلاف القرّاء في ما بينهم وأوضح ان اسانيد هذه القرآءات الأحادية لا يتصف واحدٌ منها بالصحة في مصطلح اهل السنة في الأسناد فضلاً عن الشيعة 0
3_ اكد راي الأمامية في قراءتهم كما يقرأ الناس 0
4_ عالج الرواية الشهيرة : ( أن القرآن نزل على سبعة احرف(1)) وحققها بعين الناقد البصير مثبتاً عدم صحتها وابطالها فهو يصرح : ( ولا نتشبث لذلك بما روي من أن القرآن نزل على سبعة احرف فانه تشبث واه واهن )(2) 0
5_ حمل على تلك ( السبعة احرف ) مظهراً تناقضات الرواية نفسها والرواة انفسهم 0
6_ فصل الخطاب عند الأمامية : ان القرآن واحد نزل من عند واحد 0
7_ اوضح ان القرآءات القرآنية ليست درس معاجم اللغة وأنما تحري قراءته وتحقيقها تبعاً لما اوحي الى الرســول ( ص ) وخوطب به(3) 0
المطلب الثاني : عند الخوئي
وهلم معي لنستوضح (البيان) من خلال (نظرة في القراءات) و(اضواء على القراء) و(هل نزل القران على سبعة احرف؟) (1) :
تعقيب
بودي ان اثير موضوع (ترجمة القران) والتي استقل بها الخوئي عن استاذه وهي اطروحة حداثوية في الدرس القراني كانت من متبنيات صاحب البيان وفق مواضعات علمية ومواصفات منهجية اشترطها وقد بانت فيها شخصيته الفقهية (5)
(1) من مباحث علوم القران في (البيان)
(2)الخوئي : البيان ص177
(3)م . ن : ص181
(4) م .ن : ص209
(5) م .ن :ص 528 -539
المبحث الثالث : اسرار البلاغة القرانية
المطلب الاول : عند البلاغي
من المقام الثاني في الفصل الرابع للمقدمة تتضح ابعاد الرؤية البلاغية للبلاغي عن القرآن :
1_ نعى على النحاة جمودهم على التقليد الذي ادى بهم الى عثرات الوهم وأحجام الشكوك ومنهم شرّاح الفية ابن مالك
2_ شدد النكير على امام من ائمة البلاغة : الزمخشري(1) وذلـــــك لأعتقاده _ ضمن مؤاخذات كثيرة عليه _ بزيادة ( لا ) في قوله تعــــــالى: ( لا اقسم(2) ) الواردة بمواضع عديدة من القرآن 0
3_ كما شن هجوماً ضارياً على بعض المفسرين في تتابعهم على رأي الزمخشري بخصوص ( لا ) وفي بعض ارائهم بزيادة ( الواو ) في قوله تعالى ( ولو افتدى به(3) ) , ( ولينذروا به(4) ) , ( وفتحت ابوابها(5) ) 0 وهو يقطع برأيه _ البلاغي _ بأنها واو عطف على محذوف يدل عليه سياق القرآن 0
4_ اعتبر البلاغي أن دعوى الزيادة تلك يغتنمها اعداء الأسلام في فرصة الأعتراض 0
5_ حول اسرار البلاغة القرآنية ينص البلاغي : ( أن جماعة وقفوا عن الوصول في بعض ما في القرآن الكريم من فرائد البراعة وفوائد البلاغة حتى صار يلوح من ترددهم أن ذلك مخالف لقواعد اللغة العربية فأغتنم أعداء القرآن من ذلك فرصة الأعتراض(6) ) 0 ومن ذلك اثناء المعالجة العلمية للمجاز كباب من ابواب البلاغة التي سفّه فيها احلام ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وفند
عقائدهم حيث ذهبوا _ الوهابية _ في تفسير الأيات الكريمة :
(( الرحمن على العرش استوى(1) ))
(( وسع كرسيه السموات والأرض(2) ))
(( عسى ان يبعثك ربك مقاماً محمودا(3) ))
الى التجسيم دون الالتفات الى مرامي القرآن من المجازات والتشبيه والأستعارات حتى بلغ بهم ان قالوا عن الأية الأولى : يسمع له اطيط الرحل(4)
المطلب الثاني: عند الخوئي
ان صاحب البيان لم يتعرض لاي من تلك الموارد بل اقتصر على الاعجاز البلاغي في تتمة الموضوع (الاعجاز في القران) (1) وعقد حقلا منفردا (اوهام حول اعجاز القران) (2) نكاد نجمله كالاتي :
حيث سايره في قوله المتوهم : (الحمد للرحمن ، رب الاكوان ، الملك الديان لك العبادة وبك المستعان اهدنا صراط الايمان (4) وناقشه مناقشة مستفيضة وكذلك افحمه في معارضته الموهومه لسورة الكوثر (5)
ان منهجية الخوئي في تفنيد هذه الشبهات كمنهجيه البلاغي شيخه تماما تمركزت في دعامتين :
الاولى: ملاحقة الامثلة والتفصيلات التي تسردها الشبهه وبيان انطباقها مع القواعد العربية المختلفة وانسجامها معها.
الثانية : مناقشة اصل الفكرة التي تقوم عليها الشبهه ومدى امكان الاعتماد عليها في الطعن باعجاز القران (6)
المبحث الرابع: مرجعية التفسير
المطلب الاول : عند البلاغي
( أن المفزع في التفسير هو ما يحصل به العلم من اجماع المسلمين او اتفاقهم في الرواية للتفسير او في الرواية عن الرسول ( ص ) في الدلالة على من يفزع اليه بعده في تفسير كتاب الله وذلك كحديث الثقلين المتواتر القطعي(1) )
هكذا تحدث البلاغي في المقام الثالث من الفصل الرابع لمقدمته وترشح من خلال تفصيلاتها :
1_ ان المفسر البلاغي من رجال الحديث وعلومه ايضا فله القدره الواسعة والكفاءة المقتدرة بهذا المجال 0
2_ يتعرض اضافةً الى حديث الثقلين لحديث الغدير المتواتر المشهور القطعي في تعزيز اطروحاته 0
3_ البلاغي يكرر ما ذكره سلفاً من اختلاف المفسرين والقرّاء , وينعى على الذين قالوا بالتفسير الباطن ركوناً بأرائهم الى مزاعم المكاشفة والوصول 0
4_ يتالق المفسر البلاغي كداعية من دعاة الوحدة الأسلامية ورجل من رجال التقريب بين المذاهب فهو يؤكد :
( كحديث الثقلين المتواتر القطعي الذي ذكره اخواننا اهل السنة في كتبهم واوردوا من روايته عن الصحابة ( رض ) الذين سمعوه من رسول الله ( ص ) اكثر من ثلاثين صحابياً(2) ) 0
ولا اعلم كلاماً ارق من هذا ولا حديثاً يوّحد ابلغ منه 0
(1) و ( 2 ) مقدمة الاء الرحمن ج 1 ص 43
المطلب الثاني : عند الخوئي
وتحت عنوان (اصول التفسير) كتب الخوئي دراسة مقتضبة جــــــــــدا عن (مدارك التفسير) :
((ولابد للمفسر من ان يتبع الظواهر التي يفهمها العربي الصحيح {فقد بينا لك حجية الظواهر} او يتبع ما حكم به العقل الفطري الصحيح فانه حجة من الداخل كما ان النبي حجة من الخارج او يتبع ما ثبت عن المعصومين (ع) فانهم المراجع في الدين والذين اوصى النبي (ص) بوجوب الـــــــتمسك بهم فقال : ((اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي ، مــــــــــا ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا )) ثم يستدرك فيقول :
((ولاشبهة في ثبوت قولهم (ع) اذ دل عليه طريق قطعي لاشك فيه )) (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الخوئي : البيان ص419-420
المبحث الخامس :الافاق العلمية
المطلب الاول : عند البلاغي
من مزايا تفسير الالاء هو أهتمامه بالظواهر العلمية والحقائق الكونية , بمداخلة علمية تشريحية _ لو جاز التعبير _ عقد مفسرنا البلاغي في المقام الرابع من الفصل الرابع للمقدمة ميزان رجاحة بين العقل والقلب وذهب الى :
1_ مركز التعقل والأدراك والأهتداء كما نسبه القرآن الكريم _ حسب البلاغي _ القلب اما المتجددون فينسبون الأدراك وأثاره الى الدماغ 0
2_ نموالدماغ يتوقف في الأربعين من عمر الأنسان ثم ياخذ بالتناقص تدريجاً , بينما القلب لا يزال يأخذ بالنمو والزيادة الى الأدوار الأخيرة من حياته 0
3_ يقرر الشيخ ان الدماغ هو محفظة لصور المدركات التي يستودعها القلب اياه 0
4_ خلاصة الحجة : ( هو ان وجوه الأعجاز في القرآن الكريم حجة على انه منزل من الله خالق القلب والدماغ بعلمه وحكمته وقد اخبر بأن محل الأدراك والتعقل وأثاره هو القلب(1) ) 0
وبذلك انتهت المقدمة وكانت خاتمتها للمصادر والمراجع 0
(1) البلاغي : مقدمة الالاء ج 1 ص 49 0 + الالاء / موسوعة البلاغي ص108
المطلب الثاني : عند الخوئي
لقد اسهب الخوئي في معالجته العلمية في مبحث (القران واسرار الخليقة) وتطرق فيها الى ظواهر الاعجاز العلمية في ثنايا هذا المبحث : (وان فريقا مما اخبر به القران لم يتضح الا بعد توافر العلوم وكثرة الاكتشافات ......وقد اخذ القران بالحزم في اخباره عن هذه الامور فصرح ببعضها حين يحسن التصريح واشار الى بعضها حين تحمد الاشارة) (1)
ومن تلك الحقائق العلمية القرانية :
وقد اطال في مناقشة هذه الظواهر الــــــــــــعلمية بل وعززها بمرويات عن المعصومين (ع) (2)
تعقيب
يخلص صاحب البيان في هذا المبحث الى نتيجة غاية في الدقة ورائعة في المحتوى : (ان تصديق علي (ع) - وهو على ماعليه من البراعة في البلاغة والمعارف وسائر العلوم – لاعجاز القران هو بنفسه دليل على ان القران وحي الهي ) (3)
المقترحات
اولاً : ان مقدمة الاء الرحمن يمكن ان تستل فتصبح دراسة منهجية ومبحثاً قائماً بذاته في علوم القرآن ومقدمات التفسير وكذلك كتاب البيان .
ثانياً : يقترح البحث أقامة مؤسسة ثقافية قرانية تعنى بتراث البلاغي النجفي وتلميذه القراني السيد الخوئي .
ثالثا : ترويج ونشر مدوناتهما واثارهما سيما في محاورة اهل الكتاب والرد على الوهابية لما تفرضه متطلبات المرحلة الراهنه والهجوم الاستكباري على العالم الاسلامي .
رابعا : اقامة دراسات اكاديمية وتشجيع الاطاريح الجامعية حول منهجية البلاغي وجهوده القرانية
خامسا: (حوار المذاهب) حسبما اصطلح عليه البحث ويدعو الى تفعيله ومنجزه الاستثنائي متزامنا مع حوار الحضارات والثقافات والاديان كما يعبرون اليوم
المستخلصات ونتائج البحث
ففي مختتم هذه الجولة العلمية الموفقة بلطفه تعالى في رحاب القران درسا والبلاغي والخوئي علمين و(المقارنة) منهجا ، كانت مستخلصات البحث :
اولا:البلاغي / الخوئي / السبزواري / الشهيد الصدر: هم اقطاب تشكيل الوعي القراني في مدرسة النجف الحديثة .
ثانيا : على مادبة الله (الكتاب العزيز) التقى الشيخ البلاغي استاذا والسيد الخوئي تلميذا ، فكان المؤثر ((الاء الرحمن في تفسير القران)) والمتاثر (البيان) .
ثالثا : تجلى الدور التاثيري للبلاغي في طلبته وهم اثر من تراثه الفكري كما تاليفه وتصانيفه وكان في مقدم اؤلئك السيد الخوئي في (نفحاته) وامتد بعد لاي من الدهر الى الشهيد الصدر محمد باقر (استشهد 1400هــ) ممثلا الذروة حيث دخلت نتاجاته حركت التاريخ .
رابعا : ان البلاغي النجفي انعطافة استثنائية في تاريخ المفسرين الاسلاميين حيث اجاد اللغات العبرية والانكليزية والفارسية .
خامسا : تفسير الالاء يصلح للمبتدئين والمتقدمين نظرا لايجازه غير المخل واسهابه غير الممل ولدقة معالجته وتركيز عبارته بينما (البيان) مدخل للتفسير حوى معالجات لعلوم القران اضافة الى تحليل سورة الفاتحة .
سادسا : مثلت ظاهرة الاعجاز عند البلاغي قضية محورية ومن اولويات المحاججة دفاعا عن المرسل والرسول والرسالة - وقد تابعه على ذلك تلميذه الخوئي – مرتكزا على القران الكريم والبديهيات المنطقية والمقدمات العقلية التي آلت الى نتائج واقعية فهي من ثوابت العقيدة الاسلامية دالة على مصداقية النبوة والرسالة .
سابعا : افاد الخوئي من معالجة الشيخ البلاغي مسالة الاعجاز على نمطية ثنائية:الاعجاز القراني من وجهة العرب والاعجاز القراني من وجهة البشر. لاطلاعه الواسع على كتب العهدين واتقانه عدة لغات .
ثامنا : للخوئي حوار مع (الاخر الكتابي) جريا على منهج استاذه في توظيف الالية السالفة في (سابعا) لصد حملات الاستشراق ونتاجات المستشرقين والارساليات التبشيرية المستندة لكتبهم الرائجة المقدسة بزعمهم .
تاسعا : اقتفى الخوئي اثر البلاغي في اثباته معارف القران في الالهيات وتاريخ الانبياء وكتب العهدين واسرار الخليقة وأنَّ تعدد وجوه اعجازه : غيبا واخلاقا وتاريخا وتشريعا يدلل على اعجاز القران نفسه .
عاشرا : نحا الخوئي نحو استاذه في تقويض البناء الفكري الديني والموروث العقائدي والسياسة الاستعمارية الاستكبارية لليهود والنصارى كاشفا عن تحريف هذه الاديان وتناقضاتها واضاليلها بعد استثماره ظاهرة الاعجاز القراني .
احد عشر : ترجمة القران/ اطروحة حداثوية في الدرس القراني من متبنيات صاحب (البيان) وفق مواصفات منهجية ومواضعات علمية .
ثاني عشر : ظاهرة الاعجاز افادت البلاغي في هدم الحركات الداخلية والعقائد الانحرافية والفرق المبتدعة مثل الوهابية والبهائية والقاديانية بينما ذهب الخوئي الى الرد على (حُسن الايجاز) بكتابه (نفحات الاعجاز) .
ثالث عشر: وحول (جمع القران) لم يشر الخوئي كما قرر استاذه البلاغي : ان جمعه على يد الامام علي (ع) بعد وفاة الرسول(ص) وفق ترتيب نزوله وتقديم منسوخه على ناسخه. وقد اكدا على صيانة القران من التحريف كما الامامية.
رابع عشر : القراءات القرانية / فصل الخطاب عند الخوئي بعد ان حذا حذو استاذه : (ان القران واحد نزل من عند واحد) بعد معالجتهما للمرويات الشهيره (السبعة احرف) وقد ذهبا الى إبطالها .
خامس عشر : الشخصية الفقهية للخوئي تجلت في مباحثه لعلوم القران ومن ذلك:لم يجوز القراءة في الصلاة لاية قراءة لم تثبت عن النبي (ص) او احد المعصومين (ع) .
سادس عشر : من المواخذات على (البيان) انه افرد ابحاثا لعناوين اوشكت ان تعد من الترف العقلي كـ (حدوث القران وقدمه) وقد اطال كثيرا في فصل (فضل القران) و(القراءات)
سابع عشر :تعددية مراجعهما وتنوع مصادرهما كانتا السمة الغالبة لـ (الالاء) و(البيان) ، حيث استوعبت الطيف الاسلامي والتلمود اليهودي والانجيل المسيحي والنظريات العلمية المستجدة
ثامن عشر : انطلق البلاغي النجفي الى مديات ارحب في الدعوة الاسلامية لتحقيق اممية الاسلام وعالمية الدعوة وخاصية العموم الزماني والمكاني في مخاطبة اهل الكتاب وجرى على ذلك الخوئي .
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
المصادر والمراجع
1 _ خير ما نبتديء بهِ القرآن الكريم
2_ الاء الرحمن / للبلاغي
3_ الهدى الى دين المصطفى / للبلاغي
4_ الرحلة المدرسية / للبلاغي
5_ ترجمة البلاغي في مقدمة كتاب الهدى / للمحامي توفيق الفكيكي
6_ ترجمة البلاغي في الاء الرحمن / السيد حسن اللواساني
7_ البلاغي مفسراً رسالة دكتوراه من جامعة طهران / د. علي الأوسي
8_ لمحات اجتماعية من تأريخ العراق الحديث / د. علي الوردي
9_ الشهيد الصدر سنوات المحنه وايام الحصار / محمد رضا النعماني
10_ معارف الرجال / الشيخ محمد حرز الدين
11_ تفسير شبر / السيد عبد الله شبر
12_ أصول التفسير الاسلامي / د. محسن عبد الحميد
13_ منة المنان في الدفاع عن القرآن / السيد الشهيد محمد الصدر
14_ منهج الشيخ الطوسي في التبيان / د. كاصد الزيدي
15_ البحث الدلالي في تفسير الميزان / د. مشكور العوادي
16_ المدرسة الأسلامية / السيد الشهيد محمد باقر الصدر
17_ علوم القرآن / السيد الشهيد محمد باقر الصدر
18_ في ظلال القرآن / الشهيد سيد قطب
19_ لسان العرب / ابن منظور
20_ التفسير الحديث / محمد عزه دروزه
21_المباديء العامة لتفسير القرآن الكريم / د. محمد حسين الصغير
22_ التوحيد والتثليث للبلاغي
23_ اعلام الهداية / المجمع العالمي لأهل البيت
24_ حياة الأمام العسكري / الشيخ باقر القرشي
25_ البيان في تفسير القران / ابو القاسم الخوئي / مطبعة العمال المركزية – بغداد 1988 – 1409هـ
26_ مقاربات في الدرس القراني عند الشيخ البلاغي /علي محمود البعاج – بحوث المؤتمر العالمي لتكريم العلامة البلاغي- مركز العوم والثقافة الاسلامية / ايران قم 2007م